الاثنين، 30 مايو 2011

خليها ذكرى

أعطاها الكتاب ورفع يده الأخرى ليسألها ما هذا؟ نظرت إلى الورقة الجافة بين أصابعه وضحكت. أخبرته أنها من يومين فقط كانت تقضى وقتها فى ممارسة تلك الهواية، فقالت صديقتها أنها كثيرا ما تقلب بين صفحات الكتب التى تأخذها منها وتكتشف أنها نسيت بداخله واحدة أو اثنتين. شاركها الضحك وتعجب من خصوصية ما تفعله "وكأنك تتركين جزءا منكِ، انها المرة الأولى التى أصادف فيها أحدا يعلّم الصفحات بأوراق الشجر .."

ردت بابتسامة خفيفة " انها الأنانية، عندما ترغب في أن يتذكر الناس رائحتك دائما"

الأحد، 29 مايو 2011

Dreams Recording

كانت المرة التى تحلم بها منذ فترة. مغتربة عن المكان، شعرت وكأنها بعيدة عن موطنها الأصلى. أعطوها آلتها الموسيقية لتعزف. تذكرت أنها لم تتعلم إلا القليل، ولا تذكر سوى المبادىء الأساسية للعزف. أخذت الآلة بين يديها وقالت حسنا لا مانع، ولكن بها وتر مقطوع. لم يبد أحد اعتراضا، ولم تقل تلك الجملة كوسيلة للاعتذار. كانت تستعد بالفعل من أجل أن تعزف لهم. استيقظت من نومها، وتعجبت من أنها مرتاحة ونشيطة إلى حد ما على عكس الأيام القليلة التى مرّت عليها مؤخرا !

على فكرة

(4)

يكون ذلك الوقت المناسب للانسحاب بهدوء، عندما يكفوا عن مشاركة التفاصيل الصغيرة معك.

الثلاثاء، 24 مايو 2011

على فكرة

(1)

... عشان فيه حاجة اسمها الوعى، كل ما بتزيد مساحتها، وعمقها بيكبر ... كل ما كانت خطوتنا ع الأرض بتتقل.

(2)

... هو أصلا حد يستاهل كل الحاجات الحلوة اللى فى الدنيا . احنا ماكناش اتنين واقفين على أرض واحدة .. كان عندى حاجات عايزة أديها ، بس الموضوع ببساطة انه ماكنش هينفع يستقبل الحاجات دى بطريقة تناسبنى، وإنه وقف وقاللى: بصى، حرام يعنى يبقى انتِ بتعملى حاجات حلوة وأنا مش عارف أعملك حاجات حلوة زيها ..... احنا ينفع نبقى صحاب كويسين أوى والله، بس من غير كل الحاجات الحلوة دى !

(3)

... لما ماكانش المفروض أقابلك يومها، يبقى ليه كان لازم أعرف النهاردة بالصدفة انك كنت موجود، ليه اللى حكالى الحدوتة قالها بشكل مباشر زى مايكون قاصد يقولى: أيوة .. هو كان هناك وانتِ مالحقتهوش، مع إنه حد بعيد عنى أو عنك، ومع إنه قاللى فى الأول أنا بس مش عايزك تتضايقى !! اليوم دا بالذات أنا اتعمدت أتأخر عشان .. مش عارفة، كنت عايزة أروح متأخرة عن معادى وخلاص، مشيت بخطوة بطيئة مش متعودة عليها وقلت لروحى خلّى اللى يحصل يحصل، أو يمكن لو استعجلت فى مشيتى ما يحصلش ... لأ لأ مش كدا .. أنا أصلا كنت ماشية برّاحة زى مايكون عايزة حاجة تحصل وماتفوتنيش .. أقابل مثلا حد صدفة وأنا طالعة الأسانسير، الحد دا كان انت؟ ساعتها ماكنتش على بالى نهائى، وساعتها كنت بفكر فى ناس تانية توقيتهم خلص من بدرى، وأهى جت حاجة صغيرة عرفتنى إن توقيتى مش متظبط على توقيتك. بس تعرف حاجة، كويس انى ماشفتكش، .. مش عارفة ليه لو حصل كنت هبقى متضايقة، حاجة مش حلوة إنك تيجى وتمشى فى أقل من دقيقة وكأنك شبح، من قبل ما أحاول حتى أركز فى ملامحك. كان فيه حاجة المفروض ما تحصلش، إنى أتضايق بسببك ومن نفسى، وأهى فعلا ماحصلتش ... ودى حاجة كويسة، وأنا مبسوطة لكدا ... مش تعبير دقيق. مش متضايقة إنى ماشفتكش. بس على الأقل عرفت إنك موجود وبتروح وبتيجى ... ودى حاجة كويسة؟!

الجمعة، 20 مايو 2011

حاجات ماحصلتش !

قرروا يرجعوا قبل ما الدنيا تغيّم، ماشيين براحة على اللسان الطويل وساكتين، زى ما يكونوا بيفتكروا حاجة سابوها وراهم على الصخرة الكبيرة عند الفنار. مفيش حاجة كاسرة الحاجز ولا مونّساهم إلا صوت الموج، ريحة اليود، وطعم الملح على شفايفهم .... قبل ما تسيب كل حاجة وتمشى كانت عايزة تزور البحر، لوحدها .. زى ما هى دايما.

لقيته قصادها، عشان يصعّب عليها الحاجات أكتر، وعشان يحس فجأة انه اتسرق وضاعت منه ثوانى كتيرة لما قالت: أنا مسافرة.... براحة وبهدوء وابتسامة محايدة، وهو يبصلها بنظرة محايدة ويسأل روحه: المكان دا كان صغير وضيق من الأول وللا أنا متهيألى؟ بس يجاوبها: كويس ... دا خبر كويس.

و هى قاعدة قصاده تبعد بوشها ناحية الحيطة الإزاز جنبها وتسمع حاجة بتناديها، فتقول: وعايزة أروح البحر.

أنا مسافرة ... وعايزة أروح البحر !

*****

راحوا أبعد نقطة عند الفنار، بيتكلموا وهما قاعدين ع الصخرة الكبيرة كلام اتنين عاقلين .. واثقين .. راضيين. مفيش حاجة ممكن تكسر الايقاع المترتّب المتنظّم إلا لما يقوم ويسبقها، عشان هى تقف مكانها شوية تاخد آخر نفس من بحرها وتشبع منه. فيقف يتفرج عليها من ضهرها والشمس المروّحة راسمة حواليها هالة نور، ويحس انه لازم يمشى دلوقت ... زى ماكان بيمشى فجأة كل مرة. بس ماينفعش يفسد عليها لحظتها، دى آخر مرة .... آخر مرة لحد عدد من الأيام اتلخبط فيها واتبعترت من بين ايديه.

عايزين حاجة تانية ممكن تشذ بالايقاع تماما عن النوتة المرسومة؟ تلتفت وراها مثلا فتلحق آخر لمحة من نظرة عارفاها كويس، فتاخد بالها لأول مرة انه فيه اتنين واقفين لوحدهم عند أبعد نقطة على البحر.

*****

ماحدش يقلق، وهى بتعدّى لوحدها من الصخرة للسان مش هتتكعبل ولا تقع فى الفراغ البسيط اللى ما بينهم، فمش هيضطر يمدلها دراع يسندها بيه. نطَّة واحدة وهتلاقى نفسها واقفة جنبه، وهو هيسألها: خلاص ....؟ فتقوله: خلاص ....

هيمشوا براحة على اللسان الطويل، مفيش حاجة كاسرة الحاجز ولا مونّساهم إلا صوت الموج، ريحة اليود، وطعم الملح على شفايفهم. تحسب هى المسافة الفاصلة بينهم وبين أول اللسان، وتقول: كل حاجة واحشانى من دلوقتى ...!!

رد الفعل ممكن ييجى ببساطة وبسرعة أوى كدا؟!! وقف مكانه فجأة فسبقته خطوتين .. وقفت وبصتله. هيحصل ايه؟

_ هو ... أنا فيه حاجة لو عملتها دلوقتى ... هتتضايقى؟

_ ...... معرفش ... حاجة ايه؟

_ .... ينفع أحضنك؟!

_ .........................

_ ............. أنا آسف ... تخيلى كأ........

_ كان هيحصل ايه لو سألت بدرى شوية؟

_ ..... يعنى مش متضايقة؟!

_ انت عايز تحضننى؟

.... يهز راسه انه أيوة

_ وعارف انت ليه عايز تحضننى؟

ياخد نفس ويكتمه، ويهز راسه بأيوة

_ طيب .. أنا عايزاك تحضننى ... وعارفة أنا ليه عايزاك تحضننى .....

*****

ماستر سين مش كدا برضه؟؟

طبيعى نلاقى الشمس صعب عليها تمشى قبل ما ترش ع الخلفية ألوان بنفسجى ... برتقانى .. وأحمر، وتستخبى شوية عشان تراقبه وهو بيقرّب ومش عارف يعمل ايه، فتحاول تفهمه انه ينجز بسرعة عشان القمر مواعيده مظبوطة وهييجى يستعجلها دلوقتى. تقريبا سمعها، فلمس بايده دراع البنوتة، وهى فضلت واقفة مكانها ثابتة وفى جسمها رعشة خفيفة. عينيها كانت ابتدت تدمّع؟ اللى حسّت بيه انه قرّب منها أكتر، صدره لمس صدرها وراسها قرّبت من كتفه، فحاوطها بشويش بدراعاته الاتنين، وهى رفعت ايديها فى حركة تلقائية وسندتهم على كتافه. سمع صوت نهنهة خجلانة طالع منها، حاول يتماسك أكتر بس لاقاها ضغطت بايدها على كتفه زى ما تكون خايفة تقع.

كان هيحس بيها خفيفة وهشّة كدا لو ماكنش حضنها؟ كان هيكتشف انه مش عايز ياخد منها أكتر ما عايز يديها، وانه عنده حاجة يديهالها، لو ماكنش الموقف دا حصل؟

*****

الشمس قالت للقمر: والنبى ادينى فرصتى شوية يا أخى ... وسألت روحها هو ملمس ايده على ضهر البنوتة عامل إزاى؟ وليه الحضن ممكن يخلّى الواحد يعيط؟ ... مش هتفهم عشان عمر ما حد حضنها قبل كدا، وصوت النهنهة كان بدأ يعلى، فسند الولد راس البنوتة على كتفه بايد، والايد التانية حضنتها أكتر ومشيت على ضهرها تمسح وتطبطب عليه، وعينيه بتحاول تمسك نفسها، وشفايفه كان ودّها لو تطبع بوسة على رقبتها ...

اكتفى انه يضمها أكتر، ويسيبها تبكى .. تدفن كل حاجة جوا صدره، ودموعها تغرقه أكتر وأكتر.

*****

حكاية مفتعلة أوى صح؟؟ سألت روحى وأنا بكتب. طبيعى .. مفيش كدا فى الدنيا أساسا ! ... ويمكن عملت كل دا عشان أوصلهم للنقطة دى فى النهاية، ماكنتش شايفة غيرها قدامى، مع انه كان ممكن تحصل حاجات تانية. ممكن يكونوا اتقابلوا ومشيوا من غير ما يحصل حاجة، ممكن يكونوا لسة قاعدين قصاد بعض فى المكان اللى حيطانه إزاز بيتكلموا كلام اتنين عاقلين، يمكن لسة ماشيين ع اللسان وخلاص كلها خطوتين ويوصلوا لآخره، يسلموا على بعض ويفترقوا. يمكن ماتكونش قابلته وفضلت لوحدها، يمكن ماراحتش البحر أصلا ولا راحت أى مكان فى العالم من أساسه.

ومع ذلك، كل يوم بستناها ترجع من السفر، وماعنديش دلوقتى غير إنى أحكى عنها حكايات مابتحصلش !!

الأربعاء، 18 مايو 2011

حاجة بسيطة

لو رحت للدكتور هيقولى ماعنديش حاجة، ومش هيفهم لما أقوله انى ساعات فجأة بحس مساحة صدرى بقت ضيقة على قلبى وانه مش مرتاح فى مكانه، مش هيلاقى حل معين يعالج بيه سرحانى ف ولا حاجة كل ما أحاول أركز ف حاجة ، وإن كتير اليوم يعدى وينتهى وألاقى معدلى ماشى بطىء .. بطىء .. ويخرب بيت الملل اللى حاسة بيه ناحية روحى . مش هقدر أشرح إزاى بيتهيألى كتير زى ما يكون فيه حد بيفكر فيّ ومركز معايا أوى وكل ما أروح فى حتة يتابعنى زى ضلّى، هيقتنع ان دا سبب عدم راحتى لا فى قعدة ولا فى نومة ؟

هيأكدلى انو ماعنديش حاجة، وأنا فعلا مافيش جوايا أى حاجة، هيقول إن الحكاية بسيطة مش مستاهلة ... وأنا همشى وأسيبه من غير ما أقوله إن كل حاجة ماهاش زى ما هى، وإن حتى اللى باكتبه ما بقاش زى ماكان .. وإن ريحة البخور اللى بشمها مش عايزة تفارقنى، وإن دواير النور اللى داخلة م المشربية لسة بتتحرك على وشّى ... هقوله الحكاية مش بسيطة، لأنى مش هينفع فجأة كدا أروح لحد وأقوله: ممكن تحضننى؟! ... ولأنك مش هتعرف توصفلى الحضن ودفاه فى روشتة !

السبت، 14 مايو 2011

إلى السيد خفيف الروح

منذ فترة لا بأس بها وأنا أعتنى جيدا بشعرى

أعنى، كنت أعتنى به فقط، ولكنى الآن أعتنى جيدا

البارحة مثلا قمت بكيّه

صديقاتى شاهدن "سرا" صورى دون حجاب

وتبين لهن اكتشاف مذهل

أنى جميلة

قيلت هكذا ببساطة واختصار

لذلك كانت أصدق كلمة سمعتها منذ 23 عاما

جزء منى حزين لأن الأمر يندرج تحت بند سرى للغاية

وددت لو أرفقت صورة مع هذا الخطاب لكى تراها

ولكنى لا أعلم عنوانك بعد

على أية حال، تبين لى أيضا اكتشاف هام

أن هناك امرأتين تلعبان أدوارا متوازية فى حياتى

كلتاهما أنا

ولكنى أصدق أكثر تلك التى أنظر لها فى المرآة الآن

كما لو كانت خارجة لتوها من إحدى حفلات الرقص برواية لجين أوستن

***

منذ فترة لا بأس بها أيضا، تابعت تغيرا طفيفا يحدث

ورائحة مستمرة فى الهواء لا يشمها أحد غيرى

هناك أشياء تحدث هكذا بمفردها، تعلم ذلك بالطبع

كأن تتأمل أحدهم لبرهة وهو جالس أمامك

وتجد روحك تسألك: هل كان الأمر يستحق كل هذا العناء؟

ثم تتعجب أنك لا تنتظر قدومه، ولا تفرح أو تحزن عند رحيله

صدقنى هكذا انتهى الأمر

***

أحيانا، أجد الحياة أبسط من ذلك بكثير

أى ذلك؟ ليس مهما، إنه "ذلك" عندما تشعر بقلبك ثقيلا وتعانى من صعوبة التنفس

ولكن ليس كل البشر يعلمون تلك الحقيقة مثلنا

لهذا قد يوجد شخص ما فى هذه اللحظة لا يعلم كيف يقول لشخص آخر كم افتقده

المضحك أنه إذا لم يعد يحبه، فذلك أسهل قولا بكثير

***

كنت أقول أشياء عن التغيرات الطفيفة

واحزر ماذا؟ أخبرتنى صديقة أنى أصبحت أكثر تحررا

أكثر خفة وحماسا

ولم تكن هى الوحيدة التى رأت ذلك

لم أبذل جهدا فى تصديقها، فأنا حقا أشعر بجوع شديد تجاه حياتى

هل تخيلت حياتك كنبتة أنت من أهمل ريّها؟

نبتتى ظمآنة، أسقطت عنها الوريقات الميتة

فعادت تنمو قيلا قليلا

وهى تحاول غرس جذورها الدقيقة فى باطن الأرض

***

صديقتى أخبرتنى أشياء أخرى، فحدثتها عنك

إلى السيد خفيف الروح:

تلك الفتاة المتجولة فى باحات الرقص الكلاسيكى بشعرها المكشوف المُنسّق

سيكون لها قصة معك

قل لها فقط ما اسمك، حتى لا تخطئك حين تراك !!

الثلاثاء، 10 مايو 2011

أشياء غير مكتملة

الأخطاء الاملائية من ضروريات الكتابة. يمكننى ان أقرأ تلك الكلمة "يفر" أو "يرفرف". هناك أخطاء لن تستقيم الحياة إلا بها، فلماذا لانترك مساحة لازدواج المعنى، يمرح فيها الخيال كما تُملى عليه طبيعته. اطبعى حروفه كما هى دون زيادة أو نقصان. لا تحاولى داخل عقلك إصلاح عثرات لا تصنع له فارقا. عندما يضطرب قلبك لرجل ليس له وجود فى واقعك، فأنتِ عزيزتى ساذجة ليس أكثر، فكما ظننتى فى تلك المرة الوحيدة أنه يبتسم لكِ وحدك، تظنين الآن أن ثمة من يخاطبك وحدك. تحتقرين الصدف الصغيرة، أن تشيرا معا إلى نفس الجملة ويقول صوتان: نعم هذا حقيقة ما أشعر به الآن. صدفة وجود شخص ثالث يعبر عنكما بنفس الدرجة، لأنك تنظرين أبعد قليلا، هناك العشرات مثلك ومثله، يعبر عنهم الشخص الثالث بنفس الدرجة.

الاثنين، 9 مايو 2011

مسألة الهية

هناك، كان الباب الخشبى يُفتح بصوت تُعرف به الأماكن المعتّقة، السكينة تطير بخفة، متى انتبهت لها؟ عندما نظرت للوحة معلقة بين مصباحين وكأنها أمى التائهة؟ أم عندما ميّزت همس الملائكة؟! الهدوء المُسدَل يرعبنى حين يتردد صدى الصوت القوى لباب يُغلق فجأة، لكرسى يتحرك من مكانه، لشىء يتحرك من داخلى. مسكينة الكائنات التى ينقصها التوازن بين صمت خارجى وضوضاء داخلية. مسكينة أنا، أصواتا كثيرة متداخلة تصرخ ولا أفهم لغتها، مسكينة لأنى استيقظت على كل هؤلاء يتشاجرون داخل صدرى. أغطى شعر رأسى، أشعل شمعة، أجلس على المقعد الخشبى، أضم يديّ أمام وجهى، ربما تتغير الاستجابة بتغير طقوس الدعاء

أمن الخطأ الشعور بالراحة فى مكان لا يخصنا؟ يرحل السؤال عن حزن صديقتى ، يصعد إلى السماء، يستعلم إلى أى أرض ننتمى، إن كانت أرواحنا ملكنا أم ضّلت الطريق إلينا، وأى الحيوات ترفضنا، وأيها ترحب بنا.

مسألة الهية موحدة تعيد صياغتها يد البشر. تصنع الحواجز والحوائط الأسمنتية، ويتسابق الجميع أى الصروح أعلى، أيهم سيرتفع أسرع حتى حافة الجنة، ونحن كالأطفال اللقيطة، تنتظر النطق بالحكم فى قضية اثبات للنسب، وفى الانتظار يصيبنا الملل ممن يَقتلوا ويُقتلوا فى سبيل وراثة الإله. أكان يشعر هو أيضا بالملل فخلقنا؟ يتردد سؤال صديقتى هذه المرة فى الصعود، وأنا أظن عدم معرفتى الجيدة بخالقى، لأنى لا أعلم ان كان سيغضب أو يتفهم بروح أبوية. ونحن عبئا ثقيلا على أرواحنا، لم نفهم مغزى الحياة، لم نفهم بعد لمَ نصر على رغبتنا المطلقة فى أن نذهب هناك ونترك هنا، أى مكان وحياة ليست هنا، أيا كان موقع وتوقيت ال"هنا"

هناك، وصوت احتراق الشمع يذكرنا بسقوط جزء جديد من ذاكرتنا ،كانت القديسة تدعو الإله: "حقق إرادتى فى السماء كما تممت تحقيق إرادتك على الأرض، امنحنى النعيم الأبدى الذى أتوق إليه بحرارة". لم أبكى عندما قرأت صلواتها، فقط شعرت أنها إجابة لسؤال يطوف فوقنا، ثم لمحت السقف الأزرق و نجومه الذهبية ونصف دائرة تستقر أسفله، ترشد الضالين إلى كوكب الأرض. هل كان ينقصنى سوى سؤال الصديقة أين اختفى الجميع وبقينا وحدنا حتى لا أستطيع تبيّن كلماتى،أو التحكم فى مجرى الدموع؟ منذ متى لم يكن بكائى مريحا هكذا؟ لا أدرى،أعلم فقط أنى أجر ورائى سلسلة طويلة،أسير فى طرقات عشوائية بحثا عن حلقة جديدة لها،أعلم أن الرب لن يمانع ان وجدتها فى حجرة الاعتراف، أو فى كلمات القديسة، أو بكيت على عتبة رسوله المخلّص، وتماديت فى سؤالى كى يحقق إرادتى على الأرض قبل أن أعود إلى السماء، وإن كانت الحياة هناك متاحة أكثر، فستنتهى الأسئلة، ولن أحتاج مثلا لسؤال رجل قبل أن أحبه: ما دينك؟

الأحد، 1 مايو 2011

هروب من الخلف

لماذا لا نستيقظ مبكرا؟

ولماذا تجبرنى القهوة على البكاء؟

الأسئلة الوجودية ضيف ثقيل

عقلى يتعبنى كثيرا

أفكر فى احتمالات لا نهائية للفرح

والنهايات السعيدة .... أو البدايات ....

باب خلفى يُفتح

فيلم فرنسى هادىء ومشمس

ملىء بالألوان والابتسامات الرائقة

لا يكف عن الدوران داخل رأسى

وعندما أتمدد على الأريكة

وأصمت قليلا

أجد أن الحياة كما تركتها منذ لحظات

رمادية ....

رغم اللون البرتقالى للحوائط

الأخضر للسجادة

البنى للخشب

أوراق الشجر المجففة، والصدف الأبيض

لا أشم رائحة الياسمين

ولا أسمع صوت البحر

الفيلم الفرنسى يلازمنى كل ليلة

أرى فتاة فى منتصف العشرينات

تتجول خفيفة فى شوارع المدينة الخالية

ترتدى الثوب الأزرق الواسع

مكشوف الصدر

وعليه سترة حمراء

مفتوحة الأزرار

أجعلها تحمل حقيبة لفيولينة صغيرة على كتفها

تربط رأسها بمنديل صغير

وتتماهى خصلات الشعر القصير مع نسمات الريح

****

المشهد الآن وراء شرفة زجاجية

تطل على الغروب

هى وهو يجلسان

بصحبة فنجانين للقهوة، وعلبتى سجائر

ينتهز لحظة شرود منها ويلتقط صورة

تُخلّد شطحات خيالها

قَطْع غريب يحدث

الفتاة تجلس فى أحد البيوت المتكومة على حزنها

تسأل لماذا يصيبها الارتعاش الذهنى

إذا احتست قهوة منزلية

ويصيب أطرافها ارتباك

لا يمكّنها من الابقاء على أى شىء بين يديها

لماذا تجعلها تشعر برغبة شديدة فى البكاء؟

***

الفتاة ليست فرنسية

والفيلم لا يمكن تمثيله

والفارق الزمنى يمثّل لها أرقا طويلا

لا يمكنها الآن تعلم العزف على الفيولينة

الفتاة تعلم جيدا لماذا لا تستيقظ مبكرا

فالشمس لا تستطيع السقوط على فراشها

ليس هناك منفذا

يعلمها بقدوم النهار

لقد قالت مثل هذه المعلومة قبل ذلك

ولكنها لا تمل من التكرار

بينما البكرة الدائرة للفيلم

تصدر صوتا مزعجا

مما يعنى نهاية آخر لفّة بها

بالإضافة إلى كثير من الرتوش المتحركة على الشاشة

ولا يراها أحد غيرها