أنا: بتسأل ليه السؤال دا دلوقتي بالذات؟!
هو: عشان أنا الكسبان في الحالتين، لو كويسة هابقى مبسوط عشانك، ولو لأ هابقى أحسن وأنا بحاول أخليكى كويسة !
أنا: .. انت إزاي بتعرف تعمل كدا بس !!!
:)
انهم يحاصروني، لا يتركون مجالا كافيا للتنفس .. يكرهون ألواني ... مساحة الضيق تتسع .. رغبة البكاء تفرض نفسها عليّ .. من جديد
أريد الصمت .. مزيدا من الصمت .. ثم الصمت .. ليس من السهل عليّ أن أكون مع من لا يقرأ صمتي !!
بالأمس كنت أشعر بالراحة، كنت أشعر بالفقد .. فقط لو كان هنا .. فقط لو رقصت مثلهم، طرت في الهواء، وقفت على رأسي، انحنيت بجسدي مثل الثعبان .. سرت حافية على الأسفلت الملون .. رقصت وصرخت مع الايقاع الصاخب .. الأرض كانت ملكي .. رائحة الماء العطنة والعشب المرويّ لتوه .. كل هذا كان يحتفل معي بأني أنا .. بأني هنا، ولست هنا .. ولكني على الأقل استطعت التكهن أين يسكن النصف الآخر .. منّي !!
في الصباح كنت أغني بصوت خافت ... رائق .. مجهد قليلا، الشمس تصهر ما تبقى من مشاعري الطازجة .. أقرأ عن الرومانسية .. أوقف صوت المروحة المزعج .. أستسلم للصمت .. أداعب لون طلاء أظافري في ضوء النهار .. أقرر أن غدا عطلة .. سأسهر حتى صباح اليوم التالي .. سأنام وشفتي منفرجة ... قليلا .. الصيف قادم ... ورائحة جسدي كحديقة مليئة بالأزهار .. ...
اليوم كنت راضية .. والطالب الغبي مستسلم أمامي، أشرح له لماذا صار الناس رومانسيين، لماذا صار هناك عالم داخل عقلي يتبرأ منه الواقع .. ربما كان مرتبكا قليلا، يتحاشى النظر نحوي، وأتمنى لو أصارحه أني أشفق عليك أيها الأبله ... يحاول ارضائي وأنا جامدة، أشعر بالسادية لأن لألواني ذلك التأثير عليه !!!
الأمس واليوم أنا بخير .. ولكن لماذا فجأة هكذا، يأتيني الوجع المجهول .. الهواء ينسحب مني .. من الداخل أنتحب؟!
فقط يلح على رأسي سؤال واحد: لماذا عليّ أن أكون هنا، بينما ينبت عباد الشمس بمكان آخر !!!
******
وتخبرني أختي أنها بالفعل .. ماتت
تعيد عليّ أكثر من مرة .. ماتت
أصمت .. ولكني أصرخ: لم تمت كفاكي وقاحة .. لا يمكن أن تموت
في الحقيقة، أشعر أنها تنتحر .. ببطء
لم يكن كافيا أن أسقيها بانتظام كل أسبوعين
لم يكن جيدا أن أسقيها بطريقة غير ملائمة
لم يكن عليّ تركها وحيدة
أنا أيضا غبية
أعرف أن كل من يدخل هذا البيت .. يموت
أردت ان أحدثها كثيرا .. أعقد معها صداقة حميمة
صديقتي تقول لي أنها الوحيدة التي ستعبر معي الوقت القادم
ولكني تركتها للوقت .. القاتل
لا أستطيع رعاية كائن حي
هذا ما يسيطر على مخاوفي
لا أستطيع رعاية نفسي
أرغب في السقوط
اختراق الموجة الداكنة
والاختباء بالنهاية
في الصدر الذي يعرف جيدا
كيف يمحو ثقل أنفاسي
لا أستطيع أن أكون صبارة طول الوقت
مخزون الشمس ينفد تدريجيا
الماء الشحيح يجف .. أظمأ وتتمزق شفتي
ربما هذا ما يؤلم حقا
لا أستطيع أن أكون صبارة طوال الوقت !!
واحنا كبني آدمين عبارة عن كائنات غلبانة بتخاف تقرب م الدفا، فنقوم برد فعل عكسي، ونحاول نقنع اللي قدامنا اننا مش كويسين أوي زي ما هو متخيل، وإننا أشرار ومعقدين ولو حد قرّب مننا هيتأذي أكتر ما هيفرح ويتطمن. نقنع الناس اللي بتحبنا إننا رافضينهم أو إنه شيء مضر ليهم يتعلقوا بينا بزيادة .. قال يعني خايفين عليهم يتوجعوا و يتألموا. في حين إنه احنا أصلا المشكلة، احنا اللي مرعوبين من فكرة الرفض وخايفين نكرر تجربة الألم، مع إنه إحساس مستمر بدرجات متفاوتة. خايفين الدفا يخلص فجأة بعد ما كنا قربنا واتعودنا عليه واعتبرناه شيء أساسي بديهي ومفروغ منه. فنفكر إنه الأحسن مانتعودش –عشان كل حاجة ليها نهاية مهما طالت – والأحسن يبقى فيه مسافة آمنة محايدة كل واحد بيلعب على أطرافها لكن مايحاولش يعدي حدودها ويدخل جوا، يا إما خايف يتلاشى كيانه الذاتي جواها ويصبح جزء منها ودا يجبره يتخلى عن أنانيته، يا إما خايف تلفظه وتطرده براها فيبقى معرض لدور برد مزمن مالوش أى علاج ...
في الأصل احنا اللي خايفين، وفي كل الأحوال احنا اللي خايفين، وأصلا في النهاية احنا بشر، بيتعلم علينا مليون مرة وجوانا عناكب معششة وميتين وجثث معفنة ريحتها فايحة.... الفكرة كلها، كلها بجد، تتلخص في قدرتنا على احتمال الريحة والحياة وياها ولا هنطلع نجري؟؟ .. ولو زاد على كدا إنه حد جه بارادته وشاف عنده القدرة على احتمالها معانا، وبدل ما نجرب نديله زي ما بيدينا، يتجلى الغباء البشري ونرزع الباب في وشه، وبعدين نتفنن في كره نفسنا ومانشوفناش صح في المراية، ونقتل روح المغامرة والمراهنة على إحساسنا الخالص .. بس بجد المشرحة مش ناقصة قتلة...
أنا ماقدرتش أنجح تماما أو تقريبا حتى في تحويل الكلام دا لواقع ملموس وخاص بيا، لكن من فترة لا بأس بها وأنا معاهدة نفسي إني مش هعيش تاني في الخوف، ومصممة أحافظ ع العهد دا ...