يا الله .. ألم أقل أني أخاف على أحلامي !!
أتعرّف على رجل ما تدريجيا، وأنتظر اللحظة الأخرى دون وعي مني وبداخلي يقين خفيّ أنها ستأتي حتما .. ما دامت تتكرر المصادفات هكذا فلما لا !
لا أتذكر متى كانت أول مرة وما الشيء المهم الذي جعلني ألتفت إليه، حقا لا أعرف .. ربما كان موجودا طوال الوقت. يبدو الأمر وكأني أنتمي لمشهد سينمائي، أجلس بأحد أطرافه، بيننا مقاعد كثيرة وأشخاص أكثر يجلسون عليها، زحام وأصوات مرتفعة بينما يجلس هو بالطرف الآخر .. عدم معرفتنا بذلك لا ينفي أننا نوجد بنفس المكان !
هل هو كذلك حقا؟! ... أصطدم بعينه في تلك اللحظات المتقاطعة عندما تتحرك وضعية المقاعد - عينه الناظرة دوما إلى نقطة بعيدة لا يراها المارة من حولنا- ويكون سائرا بعكس اتجاهي على نفس الرصيف. تصطدم عيني به مارا أمام الغرفة بأحد الأماكن التي كنت أتردد عليها مؤخرا. أو أكتشف جلوسه على الكرسي المجاور بأحد المقاهي، وفي يوم آخر يأتي لنفس المقهى ويتقدم إلينا ليستأذن صديقتي في استعارة كرسي فارغ، ويحدث أنها تعرفه شخصيا وتنطق اسمه .. ها هى معلومة جديدة تنسل وراء الأخرى ولا أبحث عن فرصة متكررة، لا أحاول أن أسأل: "من أنت؟" .. أقول لنفسي بثقة اُحسد عليها لندرتها: "سيأتي.." ثم أنسى الأمر كلية دون مجهود !
فأذهب مؤخرا لأحد اللقاءات، أهرول في الشارع لأني تأخرت وأنظر في الساعة، أحدد المسافة المتبقية وأقرر أنه يجب عليّ الوصول خلال عشر دقائق لا أكثر، وفور دخولي من الباب أصطدم به للمرة التي لا أعرف عددها. كنت على وشك سؤاله ماذا تفعل هنا، ولكني مرقت من أمامه مدفوعة بالسرعة لأستقر بحضن صديقتي. ثم أفكر: نعم، هذا ما يفعله الأصدقاء المشتركون، هناك نظرية أن الحياة لا تحتوي على أكثر من 17 شخص يتبادلون الأدوار فيما بينهم ويظلون بنفس الدائرة، يقتربون أو يبتعدون، في النهاية يوجد ما يوصل بيننا بشكل أو بآخر. لم 17 بالتحديد؟ لا أدرى انه مجرد رقم !
لقد جلس خلفي إذن، واستمع إلى حديث حميمي بيني وبين فتاة أتعرف عليها لأول مرة – صديقته أيضا – وربما رآني وأنا أمسح دمعاتي في صمت تأثرا بكلمات صديقتنا المشتركة. ثبّتُ نظري عليه وهو يتحدث ولم أشعر بحرج في ذلك، كنت كالطفلة تستقبل غرباء ودودين في عالمها الصغير، شعرت أني أريد معرفته .. صديقتنا قامت بواجب تعريف كل منّا للآخر وانتهينا. لم نتبادل حديث خاص، لم نجلس معا، لم يستمع إلى الكلام اللطيف الذي قيل عنّي ، لم يسمعني وأنا أضحك بصوت عال، لم يراني وأنا أشعر فجأة بهبوط وتعب مفاجيء لقلة نومي، لم يراني أيضا وأنا أستند برأسي إلى شباك المترو، أغمض عيني وأبتسم رغما عنّي !
حسنا .. لِمَ أقول كل ذلك؟ .. لأني في اليوم التالي وبعد ليلة أخرى من نوم غير كاف وجسد مرهق، أعود إلى البيت بعد الظهر من مهمة اضطرارية لآخذ حماما دافئا وأنام، لأجدني انتقلت إلى مكان آخر. حيث غرفة شبه مظلمة، نوافذها مغلقة بينما يأتي مصدر الإضاءة الخافتة من مصباح صغير بجانب السرير. السرير غير مرتب، يبدو عليه أثر نوم ولحافه متكوم على أحد جوانبه. يجلس هو على طرفه متطلعا إليّ. أقف مستندة برأسي إلى حافة الباب وأضم إلى صدري كتبا كثيرة، أغمض عيني وأسأله بصوت خافت: "هل تسمع ذلك الصوت؟" ... المكان كان صامتا. لا أثر لأية ضوضاء، ولكن هناك موسيقى تُعزف بداخلي. أفتح عيني لأراه واقفا أمامي بابتسامته، يأخذ منّي الكتب ثم يضمني إليه، ويخبرني أنه يحب رائحة شعري.
منذ أن استيقظت وأنا أرغب في البكاء بشدة .. وحقا لا أدري ماذا يحدث لي هذه الأيام، هل أعاني من اضطرابات عقلية أم من نبوءات تأتيني قبل موعدها. لقد أصبحت أخاف أيضا من أحلامي !!
الأحلام الحلوة، حلوة يا ميشو.. متخافيش منها :)
ردحذفوإن شاء الله خير، الأحلام الحلوة خير برضه :*
أعرف هذا النوع من الصدف... سيأتي ويأتي ولكن لا يأتي من أجلي أنا.
ردحذفأحببت قراءة هذه التدوينة. شكرا لمشاركتنا أحلامك