الأربعاء، 14 يوليو 2010

ثلاث قصص فى حُلم واحد

طيف عابر، ألوان تسيطر على المشهد، ملامح باهتة، ولا يحركنى فى أحلامى سوى الإحساس

لا أتذكر من حلمى الأخير سوى تجنبى الأول طيلة الوقت، خوفى من التقاء عينى بعينيه، لم أرى سوى سلم حجرى طويل أقف عليه فى منتصف المسافة، بين أعلى وأسفل، لم أشعر سوى بيده تلمس كتفى من الخلف، تهبط لتمسك بيدى وتجذبنى برفق إلى أعلى، لأصعد السلم معه بظهرى وعينى ما زالت تنظر فى الاتجاه المعاكس، لم أكن سعيدة بالقدر الكافى، ولم أكن شديدة الحزن أيضا، كنت أعلم أنه هو برغم سيطرة اللون الرمادى على المسافة بيننا، شعرت بذلك الدفء القديم، يدى كانت مرتاحة ليده، لكنى ربما لم أرده أن يمسكها هكذا من رسغها، فأزحت فى بطء يده عنى وذهبت فى عكس الإتجاه، ولكنى لم أدرك إلى أين وصلت

علمت أن الثانى قد مات فجأة، انزعجت بشدة لفقدانه بهذه الطريقة، وعلى الرغم من ذلك كانت الألوان تضج فى الحياة من حولى، كانت الأثر الذى تركه بداخلى مؤخرا، فرشاته التى رسم بها ابتسامة حقيقية على وجهى الحزين، كل ما أدركته أنى لا أريد خسارته مهما حدث، لأنه أصبح صانع الأشياء الصغيرة المبهجة، لأنى أعيد اكتشاف كيف أن الحياة تستحق أن تُعاش، كيف أن أقف أمام مرآتى وأخبر نفسى بثقة كم هى جميلة

أتانى الثالث من ذكرى الأيام البيضاء، حيث لا شىء جدّى يستحق الإهتمام، لا شىء يُذكر سوى فرحة برداء جديد، كتاب جديد، أو هدية جديدة، أتانى من لحظات بسيطة، خفيفة، ليس بها تلك الحوائط التى بينيها البشر الناضجون بين بعضهم، لحظات لم يسكنها المزيد والمزيد من الأسئلة الوجودية العقيمة، عن جدوى الاستمرار ولا جدواه، وجاء هو ليحتوينى بين ذراعيه ويسند رأسى على كتفه، كان يربت على ظهرى فى خفة وهدوء، ويسندنى من تحت ذراعى وكأنى سحابة يخشى عليها من تساقط الدموع، كان كل ما بيننا نورانيا أبيضا، وكان كل ما أفكر فيه أنى لا أرغب فى مفارقة حضنه إلى الأبد بعد أن عثرت على راحتى أخيرا

وقبل أن أخرج من حُلمى وجدتنى أعبر حديقة خضراء، كنت وحيدة وكنت سعيدة، كنت أتقافز مرحًا وكانى تحررت لتوى من شىء ما لازمنى عصورا وأزمنة، ودعت الحلم وأفقت من نومى وأنا أرغب حقا أن أكون سعيدة، أن أتخلص من ذلك الحزن الطويل الطويل، الثقيل الكثيف، استيقظت وأنا مازلت أشعر بذلك النغز الخفيف بصدرى، وأنى ما زلت ناعسة فى شرود على حافة العالم

مازلت أرى زمن البياض يختنق، يتعثر فى خطوه، وصديقتى المقربة لم تعد تُسمعنى كم أنا بريئة ونقية كما كانت تقول دوما، أصبحت تقول فقط كم أنا مكافحة وقوية، زمن البياض تحاصره الحوائط تلو الحوائط وتتقاسمه السدود، زمن يسير إلى الوراء، وأنا أتحرك إلى الأمام بظهرى و وجهى إليه، وهناك زمن جديد يرسم صورته، يستمر فى جذبى معه، ويطرح سؤال وجودى نفسه، إذا أفلتُ يدى من قبضته، إلى أين سأصل؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق