الأحد، 7 يونيو 2009

لماذا لا ترتدين الإسبانيش؟

صراخ الأطفال صراخ الأطفال صراخ الأطفال

وهو واقف مكانه لا يتحرك

شجار النساء شجار النساء شجار النساء

وهو واقف مكانه لا يتحرك

الهواء يضيق الهواء يضيق الهواء يضيق

والباب مفتوح ومازال هو لا يتحرك

رنين الهاتف رنين الهاتف رنين الهاتف

ويدى فى مكانها لا تتحرك

فيه حاجة غلط بتحصل..........ده على أساس إن الصح كان موجود قبل كده؟

أُغلق الباب وسار من جديد..كان يجب أن أنزل المحطة المقبلة ولكنى واقفة مكانى لا اتحرك

كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام

(وحشتينى أوى ربنا ما يحرمنى منك)

ربما أنتِ من يجب أن أكون معها الآن

(وإنتى كمان بحبك أوى)

ربما شخص ما غيرك أنتِ هو من يجب أن يستمع لهذه الجملة

وبما افسر احساسى بالإطمئنان و أشعر بالإفتقاد الشديد حتى قبل الرحيل؟..لم أكن انظر خلفى من قبل ولكن ها أنا ألتفت لألتقط طرفا منه

كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام

نعم هناك شىء خاطىء يحدث..أن يكون الكلام حاجز بينكما يغلف صمتا عميقا بلفافة سميكة قد تخدع النظر ولكنها لا تقنع الإحساس

الألوان من حولى تصيبنى بالعمى ولكنها تبعث بداخلى الكثير من الأسئلة الوجودية قد لا تحتاج إجابة من الأصل

لماذا يصيب ألوانى الإكتئاب صيفا وشتاءاً؟ لماذا لا أرتدى الفوشيا ؟..مناسب لهذا الوقت من العام

لماذا لا تحمل جونلتى الدانتيل الملون والنقوش المتداخلة فى انفلات صريح لقوس قزح؟

(إنت ليه بطلتى تلبسى اسبانيش؟!!!!!)

سؤال كان يطرح نفسه على الساحة بقوة من قبل زميلاتى العزيزات..لم أجد إجابة لما بدا عليه السؤال من جدية ولكن بعد لحظة صمت: لأنى مش عايزة ألبسه دلوقتى

- ده إنتى شكلك فيه زى القمر والله جمالك بييان ساعتها.

- ماشى بس مش بحبه فى الصيف

- عادى ممكن تلبسى بادى كارينا!!!!!!

ونقاش لأكتر من ربع ساعة حول أهمية ارتدائى الإسبانيش

كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام كلام

ما زال صراخ النساء مستمر وحديث الأطفال لا ينقطع وأنا الصامتة الوحيدة لا أتحرك

ربما خُلقت لهذا اليوم لكى أسمع فقط...ليس عيباً ولكن لماذا لا أحاول سماع صوت صراخى من باب التغيير..فليخرس كل هذا العبث من حولى ولتصمت أنت أيضاً كفاك كلاما عن أى شىء آخر غير نفسك كفاك محاولات عبثية لمد الجسور المزينة بسدود ذات أبواب مغلقة

يتحرك ذلك الشىء العجوز الذى أركبه وعفاريت " لماذا " تقفز أمام وجهى فى كل اتجاه : لماذا لا أصرخ فقط؟ لماذا كل ما أفعله هو الصمت والإكتفاء بسؤال نفسى: لما لا تُقال الأشياء هكذا ببساطة ؟ لماذا لا ننادى بعضنا بأسمائنا كثيراً؟ لماذا لا نتكلم وإذا تكلمنا لا نقول ؟ لماذا نتكلم ونحن صامتين؟ لما لا يصبح الهلال مجرد هلال وليس جرم سماوى ناقص النمو؟ لما لا نستمتع بالمطر دون أن نحلل الماء لجزيئاته الأولية؟ ولماذا علينا معرفة تاريخ الشوارع قبل سيرنا فيها؟ لماذا نسافر خارج كل منا ونحلق بعيدا نراقبنا من فوق؟ لماذا لا نكون مجردين فقط هو وهى؟ لماذا لم تُحرق كل الكتب مع مكتبة الإسكندرية القديمة او يتم مثلا إغراقها فى النهر مع بقية مخطوطات مكتبة بغداد؟ لماذا فى النهاية أرغب فى تحمل كل ذلك ؟ لماذا أصر الآن على أن الهاتف ما زال يرن إلا أنه صامت كالجثة الهامدة دون حراك فى قاع حقيبتى؟

أدركت حينها انه لم يعد يفرق معى كثيرا اختبائى وراء الألوان القاتمة وأنه يوجد فقر شديد بحياتى فى نسبة الفوشيا والأصفر والأحمر..أدركت حينها أنى أريده كائنا مجردا فقط هو دون حقيبته التى يجرها ورائه ولتذهب كل السطور القيمة المبهرة بغير رجعة.. لتذهب كل المعانى المعقدة اللتى تحملها تلك السطور وتمتلىء بها حقيبته إلى الجحيم .. أدركت أنى كل ما أحتاجه إجابات بسيطة من داخله..كلام بسيط من داخله..سطوره هو حروفه هو ..فقط هو.

ربما يحتاج لأجازة طويلة..ربما أحتاج الذهاب بعيدا ..ربما نحتاج أنا وهى أن نكون معاً لا أحد سوانا.

ما زال ذاك الشىء الشىء العجوز يصارع من أجل المسير

كانت تقف بجوارى تتحدث بصوت منخفض فيه شىء من العصبية: لأ يبقى انت اتخنقت عشانه..انت اتخنقت عشانه.. لأ مش بيتهيألى.. لأ إنت إللى براحتك..طب مع السلامة

أغلقت الهاتف وألقت به فى حقيبتها كان على وجهها ملامح الإختناق وأكملت لصديقتها: انا رأيى هما الإتنين يولعوا بجاز ده هيوجع دماغ امى عشان ده وده واجع دماغ امى عشان التانى

وواصلت حديثها معها عما اشترته من ملابس جديدة وأخذت رأيها فى الإطار الجديد لنظارتها الطبية وكان يحمل لوناً زهريا فاتح.

ابتسمت...لقد القت الإثنان وراء ظهرها فى لحظة دون أن تعبأ..يا له من موقف حاسم أحييكى عليه

أخيرا جاءت محطة نزولى وكان علىّ أن أتحرك

فى اليوم التالى أخبرتها برغبتى فى تغيير فلسفتى فيما أرتديه من ملابس وأنى أود شراء شىء ما يحمل ألوانا صارخة..نقلت لى هى الأخرى رغبتها فى ذلك وكانت سعيدة لأننا كالعادة نفكر فى الشىء ذاته بنفس الوقت وبنفس التفاصيل وتقريبا بنفس الدوافع.

سألتها وقد ارتسمت على وجهى ملامح الجدية: تفتكرى إيه هى أزمة الفتاة الشرقية المعاصرة؟

مطت شفتيها وهى تفكر قليلاً فالسؤال إذا يحتاج لنقاش طويل: يعنى فيه حاجات كتير أوى بتمثل أزمة للفتاة الشرقية، إنتى عايزة تتكلمى فى أنهى نقطة بالظبط؟

- لأ أنا شايفة أزمتها تتلخص كلها فى نقطة واحدة بس

نظرت إلىّ فى فضول متسائلة: وإيه هى؟

أكملت بنفس الجدية: أنها لا ترتدى الإسبانيش

التفت إليها وهى صامتة تحاول أن تدرك مالذى أصابنى..طوّق ذراعى كتفيها وضممتها إلىّ برفق قائلة بابتسامة هادئة: ولا يهمك..أهم حاجة إننا مع بعض دلوقتى

مرت لحظة صمت وكل منا تنظر إلى الأخرى ثم همست هى: أنها لا ترتدى الإسبانيش

وانطلقت ضحكاتنا ترج زوايا المكان حتى دمعت عيناى

كل الحكى حلو ومع إنه حلو

ليش بيضلٌه إحساسى يقللى لأ

فى شىء بدّو يصير

فى شىء عم بيصير*

* من أغنية فيروز: تسأل علىّ

هناك 3 تعليقات:

  1. جامد قوى ال Mischung بين ال innerer Monolog وال Konkrete PoesiE
    معرفش ليه جم على بالى وانا بقرا الببتاعه دى متعرفيش ايه العلاقه

    بجد جامدة قوى :):):)

    ردحذف
  2. ألف مبروك المدونة الجديدة
    أنا شايف حالة من الغليان اللى غالباً بينتهى بحالة جديدة أنضج من سابقتها ... ربما تبدو الأمور معقدة جداً فى بعض الأحيان ولكنها فى الواقع أبسط بكثيير
    مع مرور الوقت سيتحتم علينا الاهتمام ببعض الأشياء فقط فلا الوقت و لا الجهد سيسمح بتناول كل العوارض بالتحليل و التفسير و نجد أنفسنا مضطريين لاختيار أهم الأشياء و أكثرعا تأثيرا مباشرا على حياتنا و على أهدافنا للانشغال بها
    زى ما قلتى فى استيتوس قريب ( حالة ميلاد جديدة)
    ربنا معاكِ

    على فكرة الصورة اللى ورا اسم المدونة بناتى أوى ومدية ايحاء ان المدونة للبنات بس ....


    يارب حياة تدوينية سعيدة و ميلاد سعيد لأيامك القادمة أيضاً

    دمتِ مبدعة

    ردحذف